غالبا ما تكون الأم على دراية تامة بحالة أطفالها الصحية، فهي تعلم أن درجة الحرارة فوق 37 درجة مئوية تعني إصابتهم بالحمى، وتعلم أنه يجب تنظيف الجرح حتى لا يصاب بالعدوى، وتعلم أي الأطعمة هي الأكثر احتمالاً أن تنشط أطفالها قبل النوم …
ولكن حتى الأم الأكثر رعاية والأفضل تعليماً غالباً ما تفتقر إلى المعلومات الأساسية حول مخ طفلها، وكيف يفكر طفلها ،،
أليس هذا مفاجئاً ؟
عندما نفكر في الدور الأساسي الذي يلعبه المخ في كل جانب من جوانب الحياة التي تهتم بها الأم في حياة أطفالها من : الانضباط، وصنع القرار، والوعي بالذات، والمدرسة، والعلاقات فإننا نجد في الواقع أن المخ يحدد إلى حد كبير من نحن، وماذا نفعل، ولأن المخ نفسه يتشكل إلى حد كبير من خلال التجارب التي تقدميها لأطفالك، فإن معرفة الطريقة التي يتغير بها المخ استجابة لتربيتنا لهم يمكن أن يساعدنا على رعاية الطفل ليصبح أقوى وأكثر مرونة .
لذلك في سلسلة ( كيف يفكر طفلي ) نريد أن نقدم لكِ منظور المخ الكامل، ونرغب في توضيح بعض المفاهيم الأساسية حول عمل الدماغ وأساليب التفكير التي تساعدك لمعرفة بعض الأساسيات البسيطة حول كيفية عمل مخ طفلك وكيف يفكر وستكونين قادرة على فهم طفلك بشكل أفضل، والاستجابة بشكل أكثر فعالية للمواقف الصعبة، وبناء قاعدة لصحته الاجتماعية والعاطفية والذهنية .

مفهوم دمج المخ الكامل
معظمنا لا يفكر في حقيقة أن الدماغ لديه العديد من المناطق المختلفة ذات الوظائف المختلفة كما ذُكِر في تصنيف العالم نيد هيرمان في ( مقياس هيرمان )
فقد تم إنشاء نموذج التفكير الكلي للدماغ، والذي يقسم التفكير إلى أربع أجزاء، ويمكن أن يميل الشخص إلى التفكير بنمط واحد أو أكثر ، كما يجدر الإشارة إلى أنّ جميع الأشخاص يمتلكون أنماط التفكير الأربعة، إلا أنّ ميولهم لاستخدام نوع معين يحدد نمط تفكيرهم السائد،
وإليك شرح لأنماط التفكير فيما يأتي :
أولاً : نصف الدماغ الأيسر العلوي (The Left cerebral Brain Thinking)، من المخ والذي يساعدك على التفكير المنطقى وتنظيم الأفكار فى هيئة جُمَل، يسمى في تصنيف هيرمان ( النمط التحليلي )
ثانياً : نصف الدماغ الأيسر السفلي (The Left Limbic Brain Thinking) يتصف صاحبه بأنه يفضل الطرق التقليدية في التفكير، ومنظم يحبُّ الحقائق المرتبة، ويميل إلى إنجاز المهمات قيد العمل في الوقت المناسب ( النمط التنفيذي )
ثالثاً : نصف الدماغ الأيمن العلوي( The Left cerebral Brain Thinking ) ويمتاز صاحبه بأنه إبداعي في تفكيره ويفضل التغيير والتجريب للوصول إلى الأشياء والأفكار الجديدة، ويستمتع بعمل عدة أشياء بنفس الوقت ويستمتع بالمخاطر والتحديات ولا يميل إلى الألتزام بالقوانين ( النمط الأبداعي )
رابعاً : نصف الدماغ الأيمن السفلي (The Right Limbic Brain Thinking) يكون الشخص المسيطر لديه هذا الجزء متعاطفاً اتجاه الناس والأحداث ويعالج المشكلات بطريقة عاطفية وليس بطريقة منطقية ( النمط العاطفي )
فأساس المعرفة هو أن تساعدي أجزاء المخ أو الدماغ عند طفلك على العمل معاً بشكل جيد أي دمجها الدمج الذي يجعل كل الأنماط الأربعة تعمل معاً .
الدمج هو ببساطة ما يلي :
ربط العناصر المختلفة معاً لصنع مجموعة قدرات تعمل بشكل جيد، فقط كما هو الحال مع الجسم ذي الأداء السليم ، لا يمكن للدماغ أن يقدم أفضل ما في وسعه ما لم تعمل أجزاؤه المختلفة معاً بطريقة منسقة ومتوازنة، فمن السهل أن نرى متى لا يندمج مخ أطفالنا، عندما تغمرهم عواطفهم، ويصبحون مرتبكين وفوضويين ولا يمكنهم الاستجابة بهدوء، وتحصل لهم نوبات الغضب والانهيارات العدوانية، ومعظم التجارب والمواقف الصعبة التي تمر بها الأم مع طفلها هي نتيجة لفقدان الدمج المعروف أيضًا بأسم التفكك .
في المقالات القادمة سنتعرف على مجموعة من الاستراتيجيات المهمة حول الطريقة التي يعمل بها مخ طفلك وكيف يفكر، وكيف تتعاملي معه من منظور الدمج الكامل لكلا جانبي المخ الأيمن والأيسر واعطائك أدوات واقتراحات عملية تجعل فهمك لطفلك واتصالك به أكثر سعادة وصحة ومرونة .
المرجع
كتاب طفل المخ ـ الكامل ،، 12 استراتيجية للعناية بالمخ النامي لطفلك
كتاب مقياس هيرمان لأنماط التفكير
0