استمتعي بوجودهم .. استراتيجية عنصر المرح مع أطفالك

سلسلة مقالات كيف يفكر طفلي


هل تشعري أنك تقضي أغلب وقتك إما في تأديب أطفالك أو جذبهم من نشاط إلى التالي، ولا تقضي ما يكفي من الوقت في الاستمتاع بوجودك معهم؟

إذا كنت تشعرين بذلك، فأنت لست وحدك، أغلبنا يشعر بهذا الأمر من وقت لآخر ، من السهل أننا ننسى أن نحظى بالمرح كعائلة، بالرغم أننا مبرمجون بشكل دائم على اللعب والاستكشاف والترابط .

في الحقيقة ”التربية المرحة” هي من إحدى أفضل الطرق في إعداد أطفالك للعلاقات وتشجيعهم على التواصل مع الآخرين، لأن ذلك يمنحهم التجارب الإيجابية كونهم مع “والديهم“ الأشخاص الذين يقضون معهم أغلب الوقت.

يحتاج أطفالك بالتأكيد إلى التنظيم والحدود ومحاسبتهم على سلوكهم، ومع ذلك وأنتِ تحافظين على مكانتك كأم، لا تنسي أن تحظي بالمرح معهم .

العبي معهم بالألعاب، ألقي النكات، اهتمي بما يهتمون به، كلما زاد استمتاعهم بالوقت الذي يقضونه معك ومع بقية العائلة، سيزيد تقديرهم للعلاقات ورغبتهم في المزيد من التجارب الارتباطية الصحية والإيجابية في المستقبل ..

يتعلق أحد الأسباب بمادة كيميائية اسمها الدوبامين، هذا يعني أنه يمكن الاتصال بين خلايا المخ، فخلايا المخ تتلقى ما يسميه بعض الناس بـ” تدفقات الدوبامين” عندما يحدث شيء ممتع ويحفزك على القيام به مرة أخرى، يشير العلماء الذين يدرسون الإدمان إلى اندفاعات الدوبامين هذه كعوامل تجعل الناس يحافظون على المادة أو إدمان معين، حتى مع معرفتهم بضرره عليهم، لكن يمكننا أيضًا أن نساعد على إفراز تدفقات هرمون الدوبامين التي تدعم رغبات إيجابية وصحية، كالاستمتاع بالعلاقات الأسرية، فالدوبامين هو المادة الكيميائية المرتبطة بالمكافأة واللعب والمتعة، هذا يعني أنه عندما يصرخ ابنك من البهجة، وعندما ترقصي مع ابنتك في حفل موسيقي أو في غرفة المعيشة أو عندما تعملي مع أطفالك على مشروع بناء أو زراعة نبته، فإن التجربة تقوي الروابط بينكم وتعلم أطفالك أن العلاقات تأكيدية، ومجزية ومشبعة، وبالتالي جربي ذلك، جربيه الليلة حتى بعد العشاء، نادي على أطفالك ” أعيدوا جميعكم أطباقكم إلى المطبخ، ثم اعثروا على غطاء وسنلعب في غرفة المعيشة”

دعي أحد أطفالك يبدأ بقصةٍ ما، ثم بعد عبارة واحدة، يتعين على الطفل الآخر أن يضيف إليها، من ثم أضيفي لها أنت عبارة وهكذا، مثل هذه الألعاب والأنشطة لا تبقي فقط عنصر المرح العائلي عالياً، لكنها أيضًا تدرب الأطفال على التقبل للتحولات غير المتوقعة التي تقدمها لهم الحياة، فإنكِ لن ترغبي في تحويل اللعبة إلى تجربة فصل مدرسي، لكن انتبهي للطرق التي يمكنك أن تربطي طفلك من خلالها بوضوح وما تفعليه معهم، فالتلقائية والإبداعية مهارتان ضروريتان، والإبتكار أيضًا يحرك الدوبامين .

مبدأ عنصر المرح ينطبق أيضًا على التجارب التي تمنحيها لأطفالك كإخوة، اكتشفت دراسات حديثة أن أفضل عامل للتنبؤ بالعلاقات الجيدة للإخوة في الحياة هي كم المرح الذي يحظى به الأطفال معًا وهم صغار ، ومن الممكن أن يكون معدل الصراع عالياً، ما دام يوجد قدر كبير من المرح لموازنته، فقد يأتي الخطر الحقيقي عندما يتجاهل الأخوة بعضهم بعضًا.

بالتالي إذا كنت تريدين أن تتطور علاقات وثيقة وطويلة المدى بين أطفالك، فكري فيها كمعادلة رياضية، أن يكون فيها قدر المتعة التي يشاركونها معاً أكبر من الصراع الذي يعيشونه بينهم، لن يصل أبداً جانب الصراع في المعادلة إلى صفر ، فالأخوة يتشاجرون، هذا يحدث فحسب. ولكن إذا كان يمكنك أن ترفعي الجانب الآخر من المعادلة، بأن تمنحيهم أنشطة تخرج ذكريات ومشاعر إيجابية، فإنكِ ستخلقين روابط قوية بينهم، وسوف تؤسسين علاقة لديها فرصة جيدة بأن تبقى صلبة لمدى الحياة.

فبعض المرح بين الأخوة سيحدث بشكل طبيعي، لكن يمكنك المساعدة في العمل على هذا الأمر أيضًا..


المرجع :

طفل المخ – الكامل ـ ١٢ استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك