تحريك الجسم لتفادي خسارة العقل ،،،
لدي واجبات كثيرة يا أمي ولا استطيع حلها كلها في نفس الوقت
أريد أن أجري .. !
عندما يشتكي طفلك بخصوص ذلك، وتجديه حرفياً ملتفاً على نفسه في وضع جنيني تحت الكرسي في غرفته، وأنت تحاولي أن يخرج ويجلس على مكتبه ويستمر بالعمل على دراسته، ظل ينتحب قائلاً : أنا لا أستطيع القيام بواجباتي لأنها كثيرة، ظللتي تعرضي عليه المساعدة وهو يرفض مساعدتك، ثم فجأة قفز من تحت الكرسي، وجرى وخرج من الباب الأمامي وظل يجري، وبعدما عاد بأمان إلى المنزل، وهدأ وتناول وجبة خفيفة، استطعتي الحديث معه وسؤاله لماذا انطلقت بهذا الشكل ؟ قال لك : لا أعرف، الشيء الوحيد الذي استطعت التفكير به هو أنني شعرت بأنني سأصبح أفضل إذا جريت بأقصى سرعة استطيعها لأقصى مسافة، فإنه قد بدا مستعداً للسماح لي بأن أساعده في واجبه المنزلي.
حتى بالرغم من أن طفلك لم يدرك الأمر ، عندما غادر المنزل وجرى، إلا أنه كان يمارس الدمج بين جانب مخه الأيسر ( المنطقي ) الذي كان يتنمر ، على جانب مخه الأيمن ( العاطفي ) ليستسلم، محاولاتك لمساعدته في استدعاء مخه الأيسر لم تنجح ، لكن عندما أدخل جسمه في المناقشة، تغير شيء ما في مخه، وبعد بضع دقائق من التمرين، استطاع تهدئة لوزته المخية وإعادة السيطرة إلى مخ الجانب الأيسر.
تدعم الدراسات طفلك وإستراتيجيته العفوية، فقد أظهر البحث أنه عندما نغير حالتنا الجسدية – من خلال الحركة أو الاسترخاء، على سبيل المثال – نستطيع تغيير حالتنا العاطفية. جربي الابتسامة لدقيقة، فمن الممكن أن يجعلكِ ذلك تشعرين بسعادة أكبر ، كذلك التنفس السريع القصير الذي يرافق التوتر ، إذا أخذت نفساً عميقاً بطيئاً غالباً ما ستشعرين بأنك أهدأ (يمكنك تجربة تلك التمارين الصغيرة مع طفلك لتعليمه تأثير جسمه على شعوره).
فقد أظهرت الأبحاث أن الحركة الجسدية تؤثر مباشرة على كيمياء المخ، لذلك عندما يفقد أحد أطفالك التواصل مع جانب مخه الأيسر ، فمن الطرق القوية لمساعدته على إعادة التوازن هي جعله يحرك جسمه.
فالجسم مليء بالمعلومات التي يرسلها إلى المخ، لأن الكثير من المشاعر التي نشعر بها مصدرها في الأساس من الجسم. معدتنا المضطربة وأكتافنا المشدودة ترسل رسائل جسدية بالتوتر إلى المخ قبل أن ندرك حتى أننا متوترون فتتدفق الطاقة والمعلومات من الجسد إلى جذع المخ، ثم في المنطقة الحوفية، انتهاءً بالقشرة المخية، التي تغير حالتنا الجسدية، وحالتنا العاطفية وخواطرنا.
حركة جسم طفلك ساعدته في توصيل مخه الكامل إلى حالة من الدمج، بحيث استطاع دمج مخه الأيسر (المنطقي) بمخه الأيمن (العاطفي) بجسمه كله، وأدى مهامه مجددًا بطريقة فعالة وصحية. فعندما شعر بالتوتر ، حجب تدفق الطاقة والمعلومات لجسمه، مما نتج عنه التفكك. وعندما حرك جسمه بنشاط حرر بعضًا من طاقة الغضب والتوتر لديه، ما جعله يسترخي. لذلك بعد جريه، أرسل جسمه معلومات “اهدأ” إلى جانب مخه الأيسر ، ما يعني أن التوازن المعنوي لديه قد عاد والأجزاء المختلفة من مخه وجسمه عادت للعمل بشكل مدمج مجددًا.
في المرة المقبلة التي يحتاج فيها طفلك إلى المساعدة ليهدأ أو يستعيد السيطرة، ابحثي عن طرق تجعله يتحرك، حولي طلبه وإصراره إلى لعبة ممتعة فيها حركة لجسده .
الهدف من هذه الاستراتيجية مساعدة طفلك في استعادة بعض التوازن والسيطرة بتحريك جسمه مما يمكن أن يزيل العوائق ويمهد الطريق لعودة الدمج بين جانبي مخه .
المرجع :
طفل المخ – الكامل ـ ١٢ استراتيجية ثورية للعناية بالمخ النامي لطفلك